الجسيمات النانوية
4- الجسيمات النانوية Nanoparticles
على الرغم من أن كلمة (الجسيمات النانوية) حديثة الاستخدام، إلا أن هذه الجسيمات كانت موجودة في المواد المصنعة أو الطبيعية منذ زمن قديم. فعلى سبيل المثال، تبدو أحياناً بعض الألوان الجميلة من نوافذ الزجاج الصدئة وذلك بسبب وجود مجموعات عنقودية صغيرة جداً من الأكاسيد الفلزية في الزجاج حيث يصل حجمها قريبا من الطول الموجي للضوء. وبالتالي فإن الجسيمات ذات الأحجام المختلفة تقوم بتشتيت أطوال موجية مختلفة من الضوء مما ينتج عنه ظهور ألوان مختلفة من الزجاج.
يمكن تعريف الجسيمات النانوية على أنها عبارة عن تجمع ذري أو جزيئي ميكروسكوبي يتراوح عددها من بضع ذرات (جزيء) إلي مليون ذرة، مرتبطة ببعضها بشكل كروي تقريبا بنصف قطر أقل من 100 نانومتر. فجسيم نصف قطرة نانومتر واحد سوف يحتوي على 25 ذرة أغلبها على سطح الجسيم، وهذا يختلف عن الجزيء الذي قد يتضمن عدداً من الذرات لأن أبعاد الجسيم النانوي تقل عن أبعاد حرجة لازمة لحدوث ظواهر فيزيائية معينة مثل : متوسط المسار الحر الذي تقطعه الإلكترونات بين تصادمين متتالين مع الذرات المهتزة، وهذا يحدد التوصيلية الكهربية.
للتجمع الذري أعداد سحرية من الذرات لتكوين الجسيمات النانوية، فجسيمات السيلكون النانوية، مثلا، تتكون من أعداد محددة 1 ، 1.67 ، 2.15 و 2.9 نانومتر فقط. عند تعرُض هذه الجسيمات لأشعة فوق بنفسجية فإنها تبعث ضوءً بلون مرئي طوله الموجي يتناسب عكسياً مع مربَع قطر الجسيم، وبالتالي يمكن رؤية ألوان مرئية معينة.
عندما يصل حجم الجسيمات النانوية إلى مقياس النانو في بعد واحد فإنها تسمى البئر الكمي (quantum well)، أما عندما يكون حجمها النانوي في بعدين فتسمى السلك الكمي (quantum wire)، وعندما تكون هذه الجسيمات بحجم النانو في ثلاثة أبعاد فإنها تُعرف بالنقاط الكمية (quantum dots). ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التغيير في الأبعاد النانوية في التركيبات الثلاثة السالفة الذكر سوف يؤثر على الخصائص الإلكترونية لها، مما يؤدي إلى حدوث تغيير كبير في الخصائص الضوئية للتركيبات النانوية.
تكتسب الجسيمات النانوية أهمية علمية حيث أنها تقع بين التركيب الحجمي الكبير للمادة وبين التركيب الذري والجزيئي، حيث تحتوي هذه الجسيمات في العادة على 106 ذرة أو أقل، أما الجزيء فإنه يمكن أن يحتوي 100 ذرة أو أقل وقد يصل نصف قطرة إلى أكثر من نانومتر واحد. ومن الخصائص المهمة وغير المتوقعة للجسيمات النانوية هو أن الخصائص السطحية للجسيمات تتغلب على الخصائص الحجمية للمادة، وبينما تكون الخصائص الفيزيائية للمادة الحجمية ثابتة بغض النظر عن حجمها، فإن تلك الخصائص للمادة عندما تصل إلى مقياس النانو سوف تتغير وبالتالي تعتمد على حجمها، مثل التقييد الكمي في الجسيمات النانوية شبه الموصلة، رنين البلازمون السطحي في بعض الجسيمات النانوية الفلزية. ويلاحظ كذلك أن النسبة المئوية للذرات السطحية للمادة تصبح ذات أهمية بالغة عندما يقترب حجم المادة من مقياس النانو، بينما عندما تكون المادة الحجمية أكبر من 1 ميكرومتر فإن النسبة المئوية للذرات عند سطحها ستكون صغيرة جداً بالنسبة للعدد الكلي للذرات في المادة. ومن الخصائص الأخرى للجسيمات النانوية هو إمكانية تعلُقها داخل سائل أو محلول بدون أن تطفو أو تنغمر وذلك لأن التفاعل بين سطح الجسيمات والسائل يكون قوياً بحيث يتغلب على فرق الكثافة بينهما والذي يكون في العادة مسئولاً عن طفو أو غمر المادة الحجمية في السائل.
لقد أمكن حديثاً تصنيع جسيمات نانوية من الفلزات والعوازل وأشباه الموصلات والتركيبات المهجَنة (مثل الجسيمات النانوية المغلَفة) وكذلك تصنيع نماذج لجسيمات نانوية ذات طبيعة شبه - صلبة وهي الليبوزومات. ومن الصور الأخرى للجسيمات النانوية هي النقاط الكمية شبة الموصلة والبلورات النانوية. وتعتبر جسيمات النحاس النانوية التي يصل حجمها إلى أقل من 50 نانومتر ذات صلابة عالية وغير قابلة للطرق أو السحب وذلك عكس ما يحدث لمادة النحاس العادية حيث يمكن ثنيها وطرقها وسحبها بسهولة.
جسيم نانوي